يتعلق تقويم عمل التلميذ في اختبار تحليل النص الفلسفي بالنظر في مدى نجاحه في:
- التفطن للمشكل الذي يثيره النص وصياغة الاحراجات المرتبطة ببناء عناصر المشكل كما حدده الكاتب.
- التفطن للحل الذي يقترحه كاتب النص للمشكل أي التفطن لأطروحة النص وتحليلها وشرحها وتفسيرها.
- إبراز نظام الحجاج الذي اعتمده الكاتب بهدف إثبات وجاهة موقفه.
- فحص قيمة أطروحة الكاتب ووجاهة موقفه بتحديد مكاسبها وحدودها.
للإيفاء بهذه المقتضيات المنهجية والمعرفية يجب على التلميذ تفكيك النص و هو العمل الذي ينجز في إطار "العمل التحضيري" على المسودة ويمكن انجازه بإتباع الخطوات التالية المتمثلة في تخصيص مجموعة من القراءات المركزة للنص يعمد التلميذ خلال كل قراءة منها على انجاز مهمة تفصيلية محددة:
- القراءة الأولى:
تحديد المشكل العام الذي يتنزل في إطاره النص ويتعلق الأمر في هذه الخطوة الأولى بتنزيل النص ضمن أحد محاور البرنامج مع الانتباه إلى إمكان تعلق هذا المشكل بأكثر من مسألة واحدة في إطار باب واحد من أبواب البرنامج.
تكمن أهمية هذه الخطوة في كونها ستكون المعيار الأساسي في عملية الاختيار للنص كموضوع للامتحان ذلك أن التفطن لتعلق النص بأحد مسائل البرنامج ومدى التمكن من هذه المسألة واستحضار مشكلها ومفاهيمها الأساسية يكون هو معيار اختيار النص من عدمه للاشتغال عليه.
يمكن انجاز هذه الخطوة من خلال الإجابة على السؤال التالي: ما هو موضوع النص؟ ما هو المشكل الذي يطرحه؟ أية قضية يثيرها؟
ما يجب تجنبه:
التسرع في قراءة وفهم قضية النص فننزل النص في مجال غير مجاله ونخرج بذلك تماما عن النص أو أن لا ننتبه إلى إمكان تعلق النص بأكثر من مجال واحد فيكون تحليلنا للنص تحليلا مبتورا.
القراءة الثانية:
جرد المفاهيم ورسم شبكتها:
الخطوة السابقة هي فقط خطوة تمهيدية بمعنى أنها تؤطر لنا النص تأطيرا عاما ولا تجعلنا ندخل النص بشكل جدي. فالنص هو لكاتب محدد وهو بالتالي وان يتناول أحد مسائل البرنامج فانه يتناولها من وجهة نظر الكاتب بما يعني أن
الكاتب يتناول هذا المشكل العام انطلاقا من زاوية نظر خاصة به هي. تتجلى هذه الخصوصية بداية في الدلالة التي يضفيها على المفاهيم والمعاني التي يعتمدها في بسط وتحليل أطروحته. وبالتالي فتحليل النص هو هذا الاشتغال على دلالة المفاهيم والمعاني الواردة في النص. إن الفيلسوف هو بوجه ما مبدع المفاهيم وهذا الإبداع لا يختزل في نحت واستحداث مفاهيم جديدة على نحو مطلق وإنما بإعادة شحن وتحديد دلالة معاني ومفاهيم سائدة بشحنة دلالية جديدة يتجلى من خلالها خصوصية تفكيره في المشكل العام الذي يتنزل فيه النص.
يجب الانتباه إذن إلى خصوصية المعاني و المفاهيم التي يعتمدها الكاتب وهو ما يمكن تحديده من خلال رسم شبكة المفاهيم أي بتبين العلاقات المنطقية التي من خلالها يتحدد بها كل مفهوم في سياق النص.
تنقسم هذه المهمة إلى جزئيين:
* جرد المفاهيم:
يستحسن أن نقوم في مرحلة أولى بتسطير كل المفاهيم والمعاني الواردة في النص ومن ثمة نقلها على المسودة. تتعلق الصعوبة في هذا المستوى بتحديد وتمييز الكلمات الأساسية( معاني ومفاهيم) عن الكلمات العادية. ويمكن تمييز هذه الكلمات الأساسية من خلال الوقوف عند الكلمات التي تثير إشكال في تحديد دلالتها باعتبارها تحيل على مستويات مختلفة من التفكير وإمكان ربطها بمرجعيات فلسفية وفكرية متعددة بالإضافة إلى الانتباه إلى مدى كثافة حضورها
وتكرارها داخل النص.
يستلزم تحليل دلالة هذه الكلمات الأساسية عملا مركزا وجديا يتطلب انجاز مجموعة من الخطوات :
+ في حالات عديدة يكون البحث في الدلالة اللغوية المباشرة للمفهوم هو السبيل لإمكان تحصيل دلالته لذلك يجب الابتداء بهذه المهمة
+ في مرحلة ثانية يكون من الأجدى العمل على محاولة تبين الدلالة المستبعدة لهذا المفهوم وذلك بإبراز ما لا يعنيه، ما لا يقصده الكاتب من استعماله. هذا الاستبعاد يمكن أن يتوزع على مستويين : مستوى استبعاد الدلالة الشائعة التي تحيل على التفكير العامي في ما يمكن أن يحيل عليه هذا المفهوم، كما استبعاد موقف فلسفي مغاير يعطي لذات المفهوم دلالة مغايرة ليست هي التي يقصدها الكاتب.
ملاحظة: هذا الاستبعاد يمكن أن يكون مباشرا وصريحا داخل النص ينبه له الكاتب بشكل مباشر، ويمكن استخلاصه من خلال الانتباه للروابط المنطقية حين يسبق هذه المفاهيم أدوات نفي أو استدراك أو كل صيغة، بشكل عام يمكن
أن نفهم منها الاستبعاد. وقد لا يكون مباشرا فيجب أن نحاول استجلائه ضمنيا سواء بالتفكير في دلاله هذه المفاهيم عند
فلاسفة آخرين أو في إطار استعمالات هذه الكلمات المفاتيح داخل التفكير العامي.
+ أخيرا محاولة تحديد الدلالة المقصودة من المفهوم حسب سياق النص من خلال العمل على استجلائه بتوسط النظر في علاقة المفهوم بالمفاهيم المجاورة له أو المتقابلة معه. تستوجب هذه المهمة الانتباه جيدا للروابط المنطقية
داخل النص.هذه الروابط سواء كانت صيغ نفي أو إثبات أو صيغ تعليل وتفسير أو دحض واستدراك هي التي تمكننا من تحديد ما يقصده الكاتب، وعدم الانتباه لهذه الأدوات يمكن أن يجرنا لسوء فهم أطروحة الكاتب.
ما يجب تجنبه:
+ إهمال أحد الكلمات الأساسية داخل النص نتيجة التسرع وعدم التركيز لذلك فانه يجب قراءة النص بتأن وتثبت.
+ عدم التمييز بين الكلمة الأساسية والكلمات العادية
+ عدم الانتباه للروابط المنطقية.
* رسم شبكة المفاهيم:
تمكننا الخطوة السابقة من رسم شبكة المفاهيم بمعنى إعادة تنظيم المفاهيم في مستويين نضع في كل مستوى المفاهيم المتجاورة مع بعضها في علاقة بالمفهوم المركزي الذي يدور حوله النص فيكون لنا مجموعتين من المفاهيم: مجموعة
أولى تحيلنا على موقف/أطروحة الكاتب ومجموعة ثانية تحيلنا على الموقف الذي يستبعده الكاتب، وهي الدلالات التي حددناها في إطار الدلالة المستبعدة سواء كانت صريحة أو ضمنية.
ملاحظة: المفهوم المركزي داخل النص يمكن تحديده اعتمادا على مجموعة من المؤشرات:
+ انطلاقا من التساؤل عن قضية النص.
+ المفهوم المركزي هو غالبا أحد معاني مسألة ما من مسائل البرنامج.
+النظر في مدى كثافة وحضور مفهوم ما داخل النص.
+ النظر في مضمون السؤال الأول من الجهاز البيداغوجي.
ما يجب تجنبه:
+ عدم الانتباه إلى أدوات الربط المنطقية فنقع في خلط وسوء فهم لمقصود الكاتب فكل معنى يتخذ دلالته في سياق النص وهذا السياق يتحدد انطلاقا من علاقة هذا المعنى ببقية المعاني سواء تجاورا أو تقابلا حسب أداة الربط
المنطقية التي يرتبطان من خلالها.
*القراءة الثالثة: صياغة أطروحة النص والأطروحة المستبعدة:
انطلاقا من العمل السابق يتيسر لنا تحديد أطروحة الكاتب بشكل دقيق بصياغة الأفكار والمعاني التي انتهينا إليها من عملية رسم شبكة المفاهيم. تكون صياغة الأطروحة على أساس تحديد دلالة محددة للمفهوم المركزي / المشكل داخل النص في علاقة بمضمون المفاهيم المجاورة له. بينما يكون تحديد الأطروحة المستبعدة، سواء كانت صريحة أو ضمنية بتحديد الفكرة الحاصلة لدينا من علاقة الاستبعاد التي يقرها الكاتب ما بين المفهوم المركزي والمجموعة الثانية من
المفاهيم( المفاهيم المستبعدة).
ملاحظة:
تكون صياغة الأطروحة المثبتة صياغة تقريرية تحوي وجوبا:
+ صيغة إثبات: يؤكد الكاتب، يثبت الكاتب...
+ المشكل العام الذي يتنزل في إطاره النص
+ موقف الكاتب من هذا المشكل: تحديد الدلالة المقصودة للمفهوم المركزي في سياق النص.
أما الأطروحة المستبعدة فتكون صياغتها على النحو التالي:
+ صيغة نفي: يستبعد الكاتب، يدحض الكاتب..
+ المشكل العام الذي يتنزل في إطاره النص.
+ موقف الكاتب من هذا المشكل: تحديد الدلالة المستبعدة للمفهوم
المركزي في سياق النص.
القراءة الرابعة: تحديد إشكالية النص:
إن الانتهاء من جملة المهام السابقة يتيح لنا تحديد إشكالية النص بشكل دقيق باعتبار أن الإشكالية هي زاوية النظر المخصوصة التي يتناول من خلالها الكاتب المشكل العام الذي يتنزل في إطاره النص. هذه الإشكالية يمكن تبينها
من خلال مصادمة الأطروحة المثبتة بالأطروحة المستبعدة. تكون صياغة الإشكالية صياغة تساؤلية ضمن بنية منطقية متدرجة يتضح من خلالها مسار التحليل ورهاناته.
يمكن صياغة الإشكالية على النحو التالي:
+ سؤال أول يتضمن المشكل العام للنص.
+ سؤال ثان يحوي مضمون الأطروحة المستبعدة
+ سؤال ثالث يحوي مضمون الأطروحة المثبتة
+ سؤال رابع وأخير يحوي تساؤل نقدي عن حدود الأطروحة.
ما يجب تجنبه:
+ إعادة استنساخ أسئلة النص على اعتبار كونها الإشكالية.
+ كثرة الأسئلة وتعددها وعدم وجود رابط منطقي بينها.
غياب السؤال النقدي عن بناء الإشكالية.
* القراءة الخامسة: القراءة الخطية للنص
يتعلق هذا المستوى من العمل التحضيري بتحديد البنية المنطقية للنص أي تبين التدرج الذي سلكه الكاتب للبرهنة على أطروحته. تتحدد بنية النص انطلاقا من الانتباه إلى الروابط المنطقية التي تحكم حركة النص. وتحديد تمفصلات النص يستلزم تتبع حركة النص بشكل تفصيلي من خلال شرح كل فكرة/ جملة بشكل تفصيلي آخذين بعين الاعتبار الروابط المنطقية التي تبدأ بها كل جملة.
يمكن انجاز هذه المهمة اعتمادا على محاولة الإجابة في كل مرة( في خصوص كل جملة) على الأسئلة الأربعة التالية:
1/ تحديد منطوق
النص: ما الذي يريد الكاتب قوله داخل هذه الجملة؟ والإجابة عن هذا السؤال يستوجب تحديد دلالة المفاهيم والمعاني الواردة داخل الجملة. وهنا يجب الانتباه جيدا إلى النعوت التي يستعملها الكاتب( عدم الانتباه إلى نعت سلبي مثلا يتصل بمعنى ما يمكن أن يؤدي إلى فهم عكسي) كما لأدوات الربط أهمية خاصة( عدم الانتباه خاصة للاستدراك يؤدي لفهم عكسي كذلك). يتعلق الأمر في هذا المستوى تحديدا بتحديد منطوق الجملة بصياغتها اعتمادا على معطيين رئيسيين: دلالة أداة الربط ودلالة الكلمة الأساسية في هذه الجملة؛ ويتم انجاز هذه المهمة بالاستعانة بما سبق انجازه في القراءة الثانية من تحديد دلالة المفاهيم.
2/ تحديد مسلمات وضمنيات موقف الكاتب: ما هي مسلمات ما يقوله الكاتب؟ على ماذا يتأسس موقفه؟ ما الذي يعتبره الكاتب يقيني لا يحتاج لبرهنة أو تعريف ؟ ما هي ضمنيات موقفه؟
3/ حجاج النص: ما الذي يدعم قول الكاتب؟ ما هي الحجج التي تثبته؟ في حالة عدم إيراد الكاتب لحجج مباشرة لدعم موقفه يستحسن أن نبحث عن حجج من خارج النص حتى وان تعلق الأمر بعرض موقف مناقض لأطروحة الكاتب.
4/ إثراء التحليل: هل يذكرني ما قاله الكاتب بموقف فلسفي آخر يذهب في نفس اتجاه ما قاله الكاتب؟ هل هناك موقف فلسفي الكاتب بصدد محاورته؟ هل هناك موقف يماثل/ يقارب موقف الكاتب؟ هل هناك موقف يناقض يختلف عن موقف الكاتب؟
ملاحظة: انجاز هذه القراءة الخطية للنص ليست غير عمل تحضيري توفر لنا المادة الاولى التي يجب اعادة بناءها وتنظيمها في إطار تخطيط محكم يستثمر العمل السابق دون أن يتقيد به.
القراءة السادسة: انجاز مقدمة كاملة للمقال على المسودة.
وحيد الغماري
- التفطن للمشكل الذي يثيره النص وصياغة الاحراجات المرتبطة ببناء عناصر المشكل كما حدده الكاتب.
- التفطن للحل الذي يقترحه كاتب النص للمشكل أي التفطن لأطروحة النص وتحليلها وشرحها وتفسيرها.
- إبراز نظام الحجاج الذي اعتمده الكاتب بهدف إثبات وجاهة موقفه.
- فحص قيمة أطروحة الكاتب ووجاهة موقفه بتحديد مكاسبها وحدودها.
للإيفاء بهذه المقتضيات المنهجية والمعرفية يجب على التلميذ تفكيك النص و هو العمل الذي ينجز في إطار "العمل التحضيري" على المسودة ويمكن انجازه بإتباع الخطوات التالية المتمثلة في تخصيص مجموعة من القراءات المركزة للنص يعمد التلميذ خلال كل قراءة منها على انجاز مهمة تفصيلية محددة:
- القراءة الأولى:
تحديد المشكل العام الذي يتنزل في إطاره النص ويتعلق الأمر في هذه الخطوة الأولى بتنزيل النص ضمن أحد محاور البرنامج مع الانتباه إلى إمكان تعلق هذا المشكل بأكثر من مسألة واحدة في إطار باب واحد من أبواب البرنامج.
تكمن أهمية هذه الخطوة في كونها ستكون المعيار الأساسي في عملية الاختيار للنص كموضوع للامتحان ذلك أن التفطن لتعلق النص بأحد مسائل البرنامج ومدى التمكن من هذه المسألة واستحضار مشكلها ومفاهيمها الأساسية يكون هو معيار اختيار النص من عدمه للاشتغال عليه.
يمكن انجاز هذه الخطوة من خلال الإجابة على السؤال التالي: ما هو موضوع النص؟ ما هو المشكل الذي يطرحه؟ أية قضية يثيرها؟
ما يجب تجنبه:
التسرع في قراءة وفهم قضية النص فننزل النص في مجال غير مجاله ونخرج بذلك تماما عن النص أو أن لا ننتبه إلى إمكان تعلق النص بأكثر من مجال واحد فيكون تحليلنا للنص تحليلا مبتورا.
القراءة الثانية:
جرد المفاهيم ورسم شبكتها:
الخطوة السابقة هي فقط خطوة تمهيدية بمعنى أنها تؤطر لنا النص تأطيرا عاما ولا تجعلنا ندخل النص بشكل جدي. فالنص هو لكاتب محدد وهو بالتالي وان يتناول أحد مسائل البرنامج فانه يتناولها من وجهة نظر الكاتب بما يعني أن
الكاتب يتناول هذا المشكل العام انطلاقا من زاوية نظر خاصة به هي. تتجلى هذه الخصوصية بداية في الدلالة التي يضفيها على المفاهيم والمعاني التي يعتمدها في بسط وتحليل أطروحته. وبالتالي فتحليل النص هو هذا الاشتغال على دلالة المفاهيم والمعاني الواردة في النص. إن الفيلسوف هو بوجه ما مبدع المفاهيم وهذا الإبداع لا يختزل في نحت واستحداث مفاهيم جديدة على نحو مطلق وإنما بإعادة شحن وتحديد دلالة معاني ومفاهيم سائدة بشحنة دلالية جديدة يتجلى من خلالها خصوصية تفكيره في المشكل العام الذي يتنزل فيه النص.
يجب الانتباه إذن إلى خصوصية المعاني و المفاهيم التي يعتمدها الكاتب وهو ما يمكن تحديده من خلال رسم شبكة المفاهيم أي بتبين العلاقات المنطقية التي من خلالها يتحدد بها كل مفهوم في سياق النص.
تنقسم هذه المهمة إلى جزئيين:
* جرد المفاهيم:
يستحسن أن نقوم في مرحلة أولى بتسطير كل المفاهيم والمعاني الواردة في النص ومن ثمة نقلها على المسودة. تتعلق الصعوبة في هذا المستوى بتحديد وتمييز الكلمات الأساسية( معاني ومفاهيم) عن الكلمات العادية. ويمكن تمييز هذه الكلمات الأساسية من خلال الوقوف عند الكلمات التي تثير إشكال في تحديد دلالتها باعتبارها تحيل على مستويات مختلفة من التفكير وإمكان ربطها بمرجعيات فلسفية وفكرية متعددة بالإضافة إلى الانتباه إلى مدى كثافة حضورها
وتكرارها داخل النص.
يستلزم تحليل دلالة هذه الكلمات الأساسية عملا مركزا وجديا يتطلب انجاز مجموعة من الخطوات :
+ في حالات عديدة يكون البحث في الدلالة اللغوية المباشرة للمفهوم هو السبيل لإمكان تحصيل دلالته لذلك يجب الابتداء بهذه المهمة
+ في مرحلة ثانية يكون من الأجدى العمل على محاولة تبين الدلالة المستبعدة لهذا المفهوم وذلك بإبراز ما لا يعنيه، ما لا يقصده الكاتب من استعماله. هذا الاستبعاد يمكن أن يتوزع على مستويين : مستوى استبعاد الدلالة الشائعة التي تحيل على التفكير العامي في ما يمكن أن يحيل عليه هذا المفهوم، كما استبعاد موقف فلسفي مغاير يعطي لذات المفهوم دلالة مغايرة ليست هي التي يقصدها الكاتب.
ملاحظة: هذا الاستبعاد يمكن أن يكون مباشرا وصريحا داخل النص ينبه له الكاتب بشكل مباشر، ويمكن استخلاصه من خلال الانتباه للروابط المنطقية حين يسبق هذه المفاهيم أدوات نفي أو استدراك أو كل صيغة، بشكل عام يمكن
أن نفهم منها الاستبعاد. وقد لا يكون مباشرا فيجب أن نحاول استجلائه ضمنيا سواء بالتفكير في دلاله هذه المفاهيم عند
فلاسفة آخرين أو في إطار استعمالات هذه الكلمات المفاتيح داخل التفكير العامي.
+ أخيرا محاولة تحديد الدلالة المقصودة من المفهوم حسب سياق النص من خلال العمل على استجلائه بتوسط النظر في علاقة المفهوم بالمفاهيم المجاورة له أو المتقابلة معه. تستوجب هذه المهمة الانتباه جيدا للروابط المنطقية
داخل النص.هذه الروابط سواء كانت صيغ نفي أو إثبات أو صيغ تعليل وتفسير أو دحض واستدراك هي التي تمكننا من تحديد ما يقصده الكاتب، وعدم الانتباه لهذه الأدوات يمكن أن يجرنا لسوء فهم أطروحة الكاتب.
ما يجب تجنبه:
+ إهمال أحد الكلمات الأساسية داخل النص نتيجة التسرع وعدم التركيز لذلك فانه يجب قراءة النص بتأن وتثبت.
+ عدم التمييز بين الكلمة الأساسية والكلمات العادية
+ عدم الانتباه للروابط المنطقية.
* رسم شبكة المفاهيم:
تمكننا الخطوة السابقة من رسم شبكة المفاهيم بمعنى إعادة تنظيم المفاهيم في مستويين نضع في كل مستوى المفاهيم المتجاورة مع بعضها في علاقة بالمفهوم المركزي الذي يدور حوله النص فيكون لنا مجموعتين من المفاهيم: مجموعة
أولى تحيلنا على موقف/أطروحة الكاتب ومجموعة ثانية تحيلنا على الموقف الذي يستبعده الكاتب، وهي الدلالات التي حددناها في إطار الدلالة المستبعدة سواء كانت صريحة أو ضمنية.
ملاحظة: المفهوم المركزي داخل النص يمكن تحديده اعتمادا على مجموعة من المؤشرات:
+ انطلاقا من التساؤل عن قضية النص.
+ المفهوم المركزي هو غالبا أحد معاني مسألة ما من مسائل البرنامج.
+النظر في مدى كثافة وحضور مفهوم ما داخل النص.
+ النظر في مضمون السؤال الأول من الجهاز البيداغوجي.
ما يجب تجنبه:
+ عدم الانتباه إلى أدوات الربط المنطقية فنقع في خلط وسوء فهم لمقصود الكاتب فكل معنى يتخذ دلالته في سياق النص وهذا السياق يتحدد انطلاقا من علاقة هذا المعنى ببقية المعاني سواء تجاورا أو تقابلا حسب أداة الربط
المنطقية التي يرتبطان من خلالها.
*القراءة الثالثة: صياغة أطروحة النص والأطروحة المستبعدة:
انطلاقا من العمل السابق يتيسر لنا تحديد أطروحة الكاتب بشكل دقيق بصياغة الأفكار والمعاني التي انتهينا إليها من عملية رسم شبكة المفاهيم. تكون صياغة الأطروحة على أساس تحديد دلالة محددة للمفهوم المركزي / المشكل داخل النص في علاقة بمضمون المفاهيم المجاورة له. بينما يكون تحديد الأطروحة المستبعدة، سواء كانت صريحة أو ضمنية بتحديد الفكرة الحاصلة لدينا من علاقة الاستبعاد التي يقرها الكاتب ما بين المفهوم المركزي والمجموعة الثانية من
المفاهيم( المفاهيم المستبعدة).
ملاحظة:
تكون صياغة الأطروحة المثبتة صياغة تقريرية تحوي وجوبا:
+ صيغة إثبات: يؤكد الكاتب، يثبت الكاتب...
+ المشكل العام الذي يتنزل في إطاره النص
+ موقف الكاتب من هذا المشكل: تحديد الدلالة المقصودة للمفهوم المركزي في سياق النص.
أما الأطروحة المستبعدة فتكون صياغتها على النحو التالي:
+ صيغة نفي: يستبعد الكاتب، يدحض الكاتب..
+ المشكل العام الذي يتنزل في إطاره النص.
+ موقف الكاتب من هذا المشكل: تحديد الدلالة المستبعدة للمفهوم
المركزي في سياق النص.
القراءة الرابعة: تحديد إشكالية النص:
إن الانتهاء من جملة المهام السابقة يتيح لنا تحديد إشكالية النص بشكل دقيق باعتبار أن الإشكالية هي زاوية النظر المخصوصة التي يتناول من خلالها الكاتب المشكل العام الذي يتنزل في إطاره النص. هذه الإشكالية يمكن تبينها
من خلال مصادمة الأطروحة المثبتة بالأطروحة المستبعدة. تكون صياغة الإشكالية صياغة تساؤلية ضمن بنية منطقية متدرجة يتضح من خلالها مسار التحليل ورهاناته.
يمكن صياغة الإشكالية على النحو التالي:
+ سؤال أول يتضمن المشكل العام للنص.
+ سؤال ثان يحوي مضمون الأطروحة المستبعدة
+ سؤال ثالث يحوي مضمون الأطروحة المثبتة
+ سؤال رابع وأخير يحوي تساؤل نقدي عن حدود الأطروحة.
ما يجب تجنبه:
+ إعادة استنساخ أسئلة النص على اعتبار كونها الإشكالية.
+ كثرة الأسئلة وتعددها وعدم وجود رابط منطقي بينها.
غياب السؤال النقدي عن بناء الإشكالية.
* القراءة الخامسة: القراءة الخطية للنص
يتعلق هذا المستوى من العمل التحضيري بتحديد البنية المنطقية للنص أي تبين التدرج الذي سلكه الكاتب للبرهنة على أطروحته. تتحدد بنية النص انطلاقا من الانتباه إلى الروابط المنطقية التي تحكم حركة النص. وتحديد تمفصلات النص يستلزم تتبع حركة النص بشكل تفصيلي من خلال شرح كل فكرة/ جملة بشكل تفصيلي آخذين بعين الاعتبار الروابط المنطقية التي تبدأ بها كل جملة.
يمكن انجاز هذه المهمة اعتمادا على محاولة الإجابة في كل مرة( في خصوص كل جملة) على الأسئلة الأربعة التالية:
1/ تحديد منطوق
النص: ما الذي يريد الكاتب قوله داخل هذه الجملة؟ والإجابة عن هذا السؤال يستوجب تحديد دلالة المفاهيم والمعاني الواردة داخل الجملة. وهنا يجب الانتباه جيدا إلى النعوت التي يستعملها الكاتب( عدم الانتباه إلى نعت سلبي مثلا يتصل بمعنى ما يمكن أن يؤدي إلى فهم عكسي) كما لأدوات الربط أهمية خاصة( عدم الانتباه خاصة للاستدراك يؤدي لفهم عكسي كذلك). يتعلق الأمر في هذا المستوى تحديدا بتحديد منطوق الجملة بصياغتها اعتمادا على معطيين رئيسيين: دلالة أداة الربط ودلالة الكلمة الأساسية في هذه الجملة؛ ويتم انجاز هذه المهمة بالاستعانة بما سبق انجازه في القراءة الثانية من تحديد دلالة المفاهيم.
2/ تحديد مسلمات وضمنيات موقف الكاتب: ما هي مسلمات ما يقوله الكاتب؟ على ماذا يتأسس موقفه؟ ما الذي يعتبره الكاتب يقيني لا يحتاج لبرهنة أو تعريف ؟ ما هي ضمنيات موقفه؟
3/ حجاج النص: ما الذي يدعم قول الكاتب؟ ما هي الحجج التي تثبته؟ في حالة عدم إيراد الكاتب لحجج مباشرة لدعم موقفه يستحسن أن نبحث عن حجج من خارج النص حتى وان تعلق الأمر بعرض موقف مناقض لأطروحة الكاتب.
4/ إثراء التحليل: هل يذكرني ما قاله الكاتب بموقف فلسفي آخر يذهب في نفس اتجاه ما قاله الكاتب؟ هل هناك موقف فلسفي الكاتب بصدد محاورته؟ هل هناك موقف يماثل/ يقارب موقف الكاتب؟ هل هناك موقف يناقض يختلف عن موقف الكاتب؟
ملاحظة: انجاز هذه القراءة الخطية للنص ليست غير عمل تحضيري توفر لنا المادة الاولى التي يجب اعادة بناءها وتنظيمها في إطار تخطيط محكم يستثمر العمل السابق دون أن يتقيد به.
القراءة السادسة: انجاز مقدمة كاملة للمقال على المسودة.
وحيد الغماري
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
مرحبا