السبت، 23 يناير 2010

الاشتغال على المحاولة: عرض نظري وتطبيقي

معهد ابن رشد السنة الدراسية 2009/2010


الأستاذ وحيد الغماري القسم : رابعة اقتصاد وتصرف 1و2



تدريب على انجاز المحاولة



تنبيه وتذكير:

يستلزم التعامل مع أي سؤال التفكير في تحديد إجابة لما يسأل عنه. غير أن ما يجب الانتباه إليه أن كل إجابة / حكم في الفلسفة تشترط، لتكون فلسفية، أن تصدر عن تفكير و تكون نتيجة استدلال وبرهنة تشرعها. هذا التحديد يقتضي أن لا نقدم أي إجابة إلا بعد تقليب السؤال والتثبت من مقاصده، وعملية التثبت هذه ترتبط بالبحث في شرعية العلاقة التي يقترحها السؤال بين معنيين. تتعلق الإجابة عن السؤال إذن بتحديد دلالة كلا المعنيين اللذان يتضمنهما السؤال في إطار وجه العلاقة المقترحة.

كل سؤال إذن هو سؤال عن علاقة تربط معنيين، والمعنيان المقصودان يرتبطان ضرورة بأحد مسائل البرنامج، لذلك من الوجيه أن نكون قادرين على استحضار معاني كل مسألة من مسائل البرنامج. ما يجب الانتباه إليه أن الموضوع قد لا يتضمن بالضرورة وبشكل صريح ومباشر معنيين إذ يمكن أن لا نجد في نص السؤال غير معنى واحد ولكن هذا لا يعني أن السؤال لا يتعلق بالسؤال عن خصوصية علاقة بين معنيين وإنما الانتباه إلى وجود معنى ضمني ومعنى صريح. فحين ننظر في هذا الموضوع مثلا: هل يُمثّل الاختلاف مُبرّرا لاعتبار الغير عدوّا ؟ نلاحظ أننا بصدد معنى واحد صريح هو الغير إلا أن الحديث عن الغير لا يمكن أن يتأسس إلا في إطار السؤال عن علاقة الأنا بالغير .

المستوى الثاني من مستويات النظر في السؤال هو تحديد طبيعة العلاقة التي يفترضها الموضوع بين المعنيين ويسأل عنها و يتعلق الأمر هنا بالكلمة أو مجموع الكلمات المفاتيح وهي المعنى أو المعاني التي تربط وتصل بين المعنيين.

خلاصة: ما الذي يتعين الانتباه له والاشتغال عليه في فهم السؤال وبناء المحاولة:

تحديد المعنيين اللذين يتضمنهما السؤال والانتباه خاصة لدلالتهما سياقيا وتحليل العلاقة المفترضة بينهما ونقدها.







الموضوع: هل يُمثّل الاختلاف مُبرّرا لاعتبار الغير عدوّا ؟

العمل التحضيري:

1/ تحديد مجال الموضوع:

يثير تحديد مجال هذا الموضوع صعوبة أولى إذ يمكن تنزيل الموضوع ضمن مسألة "الإنية والغيرية" كما يمكن تنزيله ضمن مسألة "الخصوصية والكونية" باعتبار أن نص الموضوع يتضمن معنى "الغير" ويدور حول مشكل العلاقة معه، غير أن ما يجب الانتباه إليه هو حضور معنى "الاختلاف" وهو المعنى الذي تم تناوله أساسا ضمن مسألة الخصوصية والكونية و بالتالي فان مجال هذا الموضوع سيكون من الأنسب تناوله ضمن هذه المسألة تحديدا، ولو أنه ليس هناك ما يمنع من تناوله في إطار مسألة "الإنية والغيرية". ربط مجال الموضوع بمسألة الخصوصية والكونية يستتبع بتحديد دلالة معاني السؤال ومن ثمة إشكالاته في إطار ما سبق تبينه داخل هذه المسألة.



تنبيه وتذكير:

إن اختيار السؤال الذي سنشتغل عليه خلال الامتحان، من بين الإمكانيتين التي سيقع اقتراحهما علينا، لا يمكن أن يكون اعتباطيا وإنما يخضع لمقتضيات أولية تتحدد بالتثبت في تحقق شرطين:

- التثبت من مدى فهمنا واستيعابنا للمسألة أو الدرس الذي يتنزل في إطاره مشكل الموضوع وبالتالي ستكون المفاضلة في الاشتغال على أحد السؤالين مبررة بتخير السؤال الذي نكون قادرين على استحضار و متأكدين من فهم المسألة التي يتنزل في إطارها بشكل أفضل. وهو ما يعني بشكل عملي القدرة على تحديد دلالة المعاني والإشكالات التي ترتبط بها بشكل دقيق.

- يتعلق الشرط الثاني بالتثبت من مدى فهمنا للإشكال المخصوص الذي يثيره الموضوع بشكل دقيق وأن عملنا لن يتحول لإسقاط الدرس دون اهتمام بالموضوع في خصوصيته.

ما يجب تجنبه:

المغامرة بالاشتغال على سؤال لم نتبين بشكل دقيق إشكاله المخصوص أو عدم توفر على ثقافة فلسفية تمكن من الاشتغال الجدي عليه، أي عدم فهم ومراجعة المسألة التي يتنزل فيها الموضوع بشكل جدي مسبقا.







2/ الاشتغال المفهومي

- هل يمثل: هل من المشروع / هل من المقبول/ هل يمكن الاقرار: ما سيتم التثبت فيه وتبين مدى وجاهته. تتعلق صيغة السؤال بالنظر في وجاهة علاقة التلازم.

- الاختلاف: التفرد/ التمايز/ الخصوصية/ المغايرة/الكثرة. الاختلاف يتحدد بما هو مقابل الوحدة / التماثل/ التجانس/ الاشتراك

- الغير: الآخر الثقافي/ المختلف عني من جهة حمله لهوية ثقافية مختلفة ( لاحظ أنه تم تحديد دلالة الغير في إطار الإشكالات المتعلقة بمسألة الخصوصية والكونية). يتحدد الغير بما هو المقابل للذات

- عدوا: الذي يمثل في اختلافه عني / في حمله لهوية ثقافية مختلفة مشكلا بالنسبة لي من جهة تهديده لخصوصيتي الثقافية. يتحدد العدو بما هو مقابل الشبيه/ الصديق/ المماثل.

تنبيه وتذكير:

يتم تحديد دلالة المعاني التي يتضمنها السؤال وفق مقتضيين:

- تحديد دلالة المعنى اصطلاحيا أي تحديد دلالته في إطار ما يمكن أن يحيل عليه من معاني ترتبط بما تم استخلاصه في الدرس( وهو ما سبق أن عنيناه من ضرورة التثبت من مدى استحضارنا وفهمنا للمسألة التي يتنزل في إطارها السؤال). سواء كانت معاني مجاورة أي متقاربة وترتبط بنفس النواة الإشكالية من جهة كونها تحيل على نفس الأطروحة والموقف الفلسفي . أو متقابلة باعتبارها تحيل على نفس المشكل لكنها تحمل أطروحة وموقف فلسفي مناقض.

- تحديد دلالة المعنى في سياق السؤال من جهة الانتباه إلى الروابط المنطقية والكلمات المفاتيح التي تربط بين المعاني الواردة في نص السؤال سواء تعلق الأمر بعلاقة تلازم أو بعلاقة تقابل أو بمفارقة أو بعلاقة استبعاد.

ما يجب تجنبه:

عدم الانتباه إلى الدلالة السياقية للمعنى داخل سياق الموضوع خاصة حين عدم الانتباه إلى الرابط المنطقي الذي يرتبط بالمعنى وخاصة عدم الانتباه إلى أدوات النفي أو الاستدراك .





3/أطروحة الموضوع:

يمثل اختلاف الآخر ثقافيا عني سببا لتحديد علاقتي به على أساس العداوة والصدام باعتبار أن اختلافه يمثل تهديدا لهويتي الثقافية الخاصة.



تنبيه وتذكير:

يمكن صياغة الأطروحة التي يثبتها الموضوع بالإجابة بنعم علة السؤال وصياغة هذه الإجابة اعتمادا على حاصل الفهم الذي توفر لنا من تحليل دلالة المعاني في المهمة السابقة.

ما يجب تجنبه:

الصياغة العمومية والفضفاضة للأطروحة بسبب عدم الاشتغال الجدي على دلالة المعاني و السياق الذي وقع صياغتها في إطاره، وخاصة الوقوع في الفهم العكسي لعدم الانتباه لأدوات النفي.



4/ضمنيات الأطروحة:

- اعتبار أن "الإنساني" في الإنسان وتحققه على نحو كوني كما يتجلى في الحرية والإرادة والوحدة مشروط بالتمسك بالخصوصية الثقافية كقيمة مطلقة.

- اعتبار أن حضور الآخر الثقافي يمثل خطرا يهدد هذه الخصوصية بالتلاشي والفناء.

تنبيه وتذكير:

الضمنية هي ما تفترضه الأطروحة دون أن تشير إليه أو تعلن عنه صراحة وبشكل مباشر، تكمن أهمية الضمنية في كونها ما يؤسس وجاهة موقف ما وتجعله مبررا بما تكسبه من معقولية. تتحدد أهمية استخراج الضمنيات منهجيا في اعتبارها ما سيمثل موضوع المسائلة النقدية لأطروحة السؤال.

يمكن الاستعانة في استخراج الضمنيات بالعودة إلى المسلمات العامة للموقف الفكري الذي تتأسس في إطاره أطروحة الموضوع.





5/رهانات الأطروحة:

التأكيد على الخصوصية مراهنة على وحدة الأنا الثقافي وحريته.



6/المرجعيات/المواقف التي من الممكن توظيفها في تحليل الأطروحة:

معاني التعصب والانغلاق.

مفهوم المركزية الثقافية.

تنبيه وتذكير:

يرتبط اختيار المرجعيات والمواقف الفلسفية التي سيتم اعتمادها في إثراء التحليل بمقتضيين:

- تناسب الرجعيات والمواقف الفلسفية المختارة مع مضمون الأطروحة

- التثبت من الفهم الجيد والقدرة على عرض هذه المواقف دون إخلال بمضمونها أو عرضها بشكل سطحي.

ما يجب تجنبه:

المرجعيات الفلسفية لا يمكن أن تقوم مقام تحليل الأطروحة وإنما هي تدخل في باب الدعم والإثراء لذلك حتى من الناحية التنظيمية الشكلية تأتي ثانيا بعد تحليل الأطروحة أولا.

7/الأطروحة المستبعدة:

إن اختلاف الآخر عني وتمسكه بخصوصيته الثقافية لا يمثل مبررا لتشكل علاقتي به في إطار من الصدام والعداوة.

تنبيه وتذكير:

قد يكون من اليسير تحديد الأطروحة المستبعدة من خلال الإجابة على السؤال بالنفي لكن لا يمكن لمثل هذه العملية أن تكون مثمرة إن أنجزناها بشكل آلي إذ يجب الانتباه لأن تكون هذه الصياغة مناسبة للمشكل الذي يطرحه السؤال وتحيل على موقف فلسفي يمكن دعمه بجدية.



8/رهانات الأطروحة المستبعدة:

التأسيس لإمكان العيش المشترك في إطار عالم إنساني يخلو من الصراع والنزاع ويتأسس على التواصل والحوار.



9/المواقف والمرجعيات الفلسفية التي يمكن اعتمادها في تحليل الأطروحة المستبعدة:

استثمار معاني التواصل والانفتاح والعيش المشترك.





10/بناء الإشكالية:

إذا ما كان التنوع والاختلاف الثقافي هو ميزة الوجود البشري فهل من وجاهة لاعتبار هذا التنوع والاختلاف خطرا يهددنا ويفضي إلى علاقة عداء وصراع مع الآخر أم أن هذا التنوع هو عامل إثراء للذات بحيث يجب احترامه وتثمينه؟

تنبيه وتذكير:

يكون من الأفضل ترك مهمة بناء الإشكالية إلى نهاية العمل التحضيري حتى يتسنى لنا إدراك المشكل الذي يثيره السؤال في خصوصيته كما في ثرائه في علاقة بالاحراجات التي يثيرها السؤال.

يمكن صياغة الإشكالية من خلال بنية تتركب من ثلاثة أسئلة مترابطة:

سؤال أول نصوغ داخله المشكل العام الذي يتنزل في إطاره السؤال. سؤال ثان نصوغ خلاله أطروحة الموضوع. وسؤال نقدي ثالث يوجهنا لنقد هذه الأطروحة ومراجعتها.

ما يجب تجنبه:

يجب تجنب الاكتفاء بصياغة مجموعة من الأسئلة العامة والفضفاضة التي لا ترتبط مباشرة بمشكل السؤال أو تحويل الإشكالية إلى جملة من الأسئلة المتداخلة والغير مترابطة.



الانجاز

بناء المقدمة:

مرحلة بناء المشكل( المقدمة)

- التمهيد:

+ الإشارة إلى ما يسم واقعنا المعاصر من حروب ونزاعات سواء تعلق الأمر بعلاقة الثقافات/الدول بعضها ببعض، أو تعلق الأمر بالصراع بين طوائف نفس الثقافة.

تنبيه وتذكير:

يمثل التمهيد أحد المراحل الأساسية في بناء المحاولة بما هو بقدم فكرة أولى للمصحح عن مدى جدية العمل و فهم السؤال لذلك يتوجب الانتباه لانجاز هذا الجزء من المحاولة.

يوظف التمهيد من أجل تأطير العمل بتبرير الاشتغال على السؤال من خلال التأكيد على أهمية المشكل الذي سننظر فيه بما يعطي مشروعية لكامل العمل.

يمكن الانطلاق في التمهيد من :

+ النظر في راهنية المشكل الذي يثيره السؤال أي تعلق القضية التي يتناولها بأحد المشكلات الأساسية المرتبطة بالواقع الذي نعيشه.

+ إبراز أهمية المسألة التي يثيرها السؤال في تحديد وتثمين وجودنا الإنساني سواء على مستوى فردي أو جماعي.

+ الانطلاق من الموقف العامي بإبراز تهافته وعدم قدرته على بلورة موقف حقيقي من المسألة التي نحن بصددها.



+ التخلص إلى ضرورة النظر في هذه الوضعية الإنسانية البائسة بما هي تهدد وجودنا الإنساني وتحوله إلى وجود حيواني تتعارض مع مطلب الكوني.

+ بسط الإشكالية كما تم إعدادها سابقا: إذا ما كان التنوع والاختلاف الثقافي هو ميزة الوجود البشري فهل من وجاهة لاعتبار هذا التنوع والاختلاف خطرا يهددنا ويفضي إلى علاقة عداء وصراع مع الآخر أم أن هذا التنوع هو عامل إثراء للذات بحيث يجب احترامه وتثمينه؟

مرحلة بلورة الجواب ( الجوهر)

1/ تحديد دلالة الاختلاف على النحو الذي تبيناه في العمل التحضيري:التنوع /التعدد التمايز/ المغايرة/ الكثرة.

الإشارة إلى مستويات وتجليات هذا الاختلاف الثقافي:

+الاختلاف بين ثقافة وثقافة أخرى في مستوى اللغة العادات معايير الحكم الأخلاق...

+ الاختلاف داخل الثقافة الواحدة بين الجهات/الطوائف على مستوى العادات /اللهجات أساليب العمارة وطرق الأكل واللباس...

تنبيه وتذكير:

يجدر بنا دائما أن نبتدأ التحليل بتحديد دلالة الكلمة المفتاح أو المعنى الذي يربط بين معنيي السؤال الأساسيين باعتبار أن هذه الكلمة المتاح أو المعنى هو الذي سيصوغ مشكل تحديد طبيعة العلاقة بين المعنيين.



اعتبار الاختلاف مبرر لتشكيل العلاقة مع الغير في إطار العداوة:

+ من جهة الأنا: الاختلاف مع الغير يحيل على علاقة العداوة /الصراع /العنف/الرفض في حالة ارتباط الهوية بمعاني التعصب / الانغلاق/ رفض الآخر

+ من جهة الغير: التعالي / الرغبة في السيطرة والهيمنة/ المركزية الثقافية

تنبيه وتذكير: المرحلة الثانية من بلورة المشكل تتعلق بتحليل مضمون الأطروحة كما تم تبينها في العمل التحضيري

2/ تجاوز الموقف السابق

استتباعات الأطروحة: خطورة وضعية الصراع القائم بين الأنا والغير نتيجة الربط بين الاختلاف و العداوة على إمكان العيش المشترك.

تنبيه وتذكير: يكون الانتقال من القسم الثاني من "مرحلة بلورة الجواب بإبراز خطورة استتباعات ربط العلاقة بين معنيي السؤال انطلاقا من دلالة أولى للكلمة المفتاح المعنى.( هذه الدلالة يجب أن تصاغ بداية باعتباره تحيل على استتباعات خطيرة لا يمكن القبول بها)



بيان أن تجاوز هذا الوضع الغير إنساني يستلزم إعادة النظر في مفهوم الاختلاف:

تحديد دلالة الاختلاف ضمن شروط التثاقف والتواصل والحوار والإثراء

3/ لحظة استخلاص الموقف النهائي:

التأكيد على أن الاختلاف ذاته ليس هو المشكل باعتبار أن الاختلاف والتنوع الثقافي هو واقع إنساني لا يمكن تجاوزه إنما المشكل في ربط الاختلاف بمعاني التعصب والهيمنة والتسلط.

تنبيه وتذكير: يتم في هذه المرحلة الأخيرة تحديد الموقف النهائي من المشكل الذي يطرحه السؤال باتخاذ موقف منه ومن المفترض أن هذا الموقف سينتهي إلى تبني الخيار الذي يدعم قيمة العيش المشترك والتوافق.












ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

مرحبا