الاشتغال على موضوع في صيغة علاقة بين معنيين
يثير الموضوع الذي يرد في صيغة علاقة بين معنيين صعوبة مخصوصة تتمثل في التباس المطلوب بغياب السؤال المباشر عن طبيعة العلاقة التي تربط بين المعنيين. إذا كانت هذه الصعوبة يمكن تجاوزها في الموضوع الذي يرد في صيغة تساؤلية من خلال الوقوف على محتوى الاستشكال الذي تفترضه صيغة السؤال، من توجيه للمطلوب، فان في هذه الصيغة وبغياب مطلوب السؤال تضل غير محددة بشكل مباشر.
إلا أن غياب الصيغة التساؤلية لا يعني مطلقا انغلاق هذا الصنف من المواضيع وعدم إمكان الاشتغال عليها. يتعلق الأمر فقط بضرورة الوعي بخصوصية هذه الصيغة وما تستلزمه بالتالي من خصوصية في المعالجة وبناء التخطيط.
يستوجب الاشتغال على هذه الصيغة بداية توفر حد أدنى من التحصيل المعرفي بخصوص المعاني المطروحة، فكل التباس في إدراك دلالتها بشكل عميق يجعل من إمكان مقاربتها غير ممكن لأنه سيكون من المتعذر تلمس الإشكال الذي يرتبط به كل معنى من جهة ، والمسألة التي يمكن ، في إطارها، تبرير الجمع بينهما في وحدة إشكالية متماسكة.
العمل التحضيري:
1/ التحديد المفهومي:
العمل على تحديد دلالة كل معنى من المعنيين بشكل منفصل بتتبع دلالة كل معنى اشتقاقيا واصطلاحيا، والنظر في المجالات التي يمكن تنزيل كل معنى في إطاره. تتحدد هذه المجالات من خلال رد المعنى الى أحد مسائل البرنامج أو أكثر حسب ما يسمح به الامتداد المفهومي للمعنى.
لأنه من غير الممكن عمليا تتبع دلالة المعنى في مجالات متنوعة ومتعددة فانه يستوجب رد المعنى الذي نشتغل عليه إلى مجال محدد. يبقى السؤال على أي أساس يمكن تحديد هذا المجال المخصوص دون غيره؟
يتم تحديد هذا المجال من خلال تتبع وجه الالتقاء الممكن بين المعنى الأول والمعنى الثاني. وفي حالة كان إمكان الجمع بين المعنيين ممكنا في أكثر من مجال فيجب تناولها جميعا.
حين الاشتغال على الموضوع التالي، مثلا،" الوعي والحرية" ، فانه يجب أن ننتبه الى أن مجال الموضوع لا يمكن اختزاله في مسألة الانية والغيرية، وهي الصعوبة التي ترتبط بهذا الموضوع، فان كنا قد تناولنا مفهوم "الوعي" بشكل مخصوص في إطار هذه المسألة، وأن مفهوم الحرية ذاته تم تناوله في ذات المسألة، فان مفهوم الحرية لا يمكن حصر مجاله في حدود مسألة "الانية والغيرية" لان مفهوم الحرية يحيلنا كذلك على باب القيم في مسائله الأربعة.
يجب إذن الانتباه جيدا لمجال اشتغال المفاهيم وتحديده بدقة، وحتى في حالة الاختيار على حصر مجال الموضوع في مسألة بعينها من مسائل البرنامج فلا بد من الإشارة لذلك، في المقال، ومحاولة تبرير هذا الاختيار.
في مرحلة أخيرة من العمل المفهومي يجدر ربط كل معنى بمرجعية فلسفية تتيح تحليله بعمق فلسفي.
2/ النظر في العلاقة الممكنة بين المعنيين
يجب الوعي بداية أن الجمع بين المعنيين في موضوع واحد ليس اعتباطيا أو عفويا، وإنما لدواع إشكالية تبرر الربط بينهما. للتثبت من طبيعة هذه العلاقة يمكن أن نفترض ان هذه العلاقة هي علاقة تقابل ونمتحن شرعية افتراض هذه العلاقة التقابلية في إطار المجال الذي حددناه لاشتغال هذه المعاني.
أما في مرحلة ثانية فيجب النظر في حدود الفرضية الأولى وإعادة النظر في تصورنا للعلاقة من خلال افتراض علاقة التكامل والتضايف بين المعنيين.
3/ النظر في شرعية الربط ذاته بين المعنيين
يتعلق النظر في هذا المستوى بتقييم شرعية الربط ذاته بين المعنيين اللذان يتشكل منهما الموضوع في إطار إيجاد حل للإشكالات المتعلقة بالمجال الذي يتنزل فيه الموضوع.
هذا التقييم يفترض تحديد المكاسب كما الحدود
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
مرحبا