موضوع : "ليس الرمز سلطة الإنسان بل هو سلطة تمارس على الإنسان" حلّل هذا القول
وناقشه مبينا مدى وجاهته.
المقدمة :
* التمهيد :
إمكانية أولى : الإشارة إلى ما يستدعيه الوجود الإنـساني مـن وسـائط
رمزية إذ يقوم هذا الوجود على التّواص ل بين الذّات والـذّات، والـذّات
والآخر، والذّات والعالم . مما يدعو إلى مساءلة العلاقـة بـين الإنـسان
والرمز.
إمكانية ثانية : الإشارة إلى ما يمتاز به الوضع الإنساني الراهن من تزايد
ملفت للرموز يستدعي السؤال عن قيمتها وأثرها على الوجـود النّـوعي
للإنسان.
إمكانية ثالثة : الإشارة إلى تعريف الإنسان من جهة أنّـه كـائن رامـز
للتّخلص إلى السؤال عن قيمة هذا الرمز بالنسبة إلى الإنسان.
الإشكالية :
- الإمكانية الأولى : ما علاقة الإنسان بالرمز هل هو امتياز يضمن علو
المقام الإنساني أم هو سلطان يستحوذ على الوجود الإنساني لي حوله إلـى
فضاء اغتراب وحتميات؟
- الإمكانية الثانية : ما منزلة الرموز في حياة الإنسان؟ هل هـو سـيد
عليها من جهة أنّه خالقها ومبدعها أم هي سيدة عليه من حيـث الآليـات
الّتي تشتغل بها والمؤسسات الّتي تتشكّل فيها فتعلو على الوجود الفـردي
للبشر؟ وإذا كان هذا التّع الي حقيقة، فهل من أمل للتحرر من سلطانه حتّى
يكون إبداع الرموز انعتاقا من الوعي المباشر ونشدانا لوجود حر؟
جوهر الموضوع : الجانب التّحليلي
I- في دلالة الرمز وتنوع تجلياته :
في الدلالة :
أ. بيان أن الرمز هو شكل تواصلي يتّخذ دلالته من الأساس التّواضـعي
الّذي يخص المجموعة البشرية عموما أو مجموعة محددة.
تقديم أمثلة على ذلك الميزان يرمز إلى العدل إذا كانت كفّتاه متـوازنتين
ويرمز إلى الظلم إذا علت واحدة على أخرى . الحمامة ترمز إلى الـسلم .
صورة جمجمة إنسان ترمز إلى الخطر بالموت.
بيان الطّاقة الدلالية للتّعبير بالرموز إذ يشتمل كلّ رمز على كثافة تغنـي
عن طول الكلام.
ب. تنوع الرموز وتجلّياتها :
- يظهر الرمز في الأنظمة التّواصلية بأشكال مختلفة فقد يكون في شكل
حركة مثل علامة النّصر الّتي نشكلها برفع السبابة وا لوسـطى؛ أو فـي
شكل صورة مرسومة مثل رسم الهلال أو الصليب للدلالة على نوعيـة
الجمعيات (الهلال الأحمر، الصليب الأحمر ) أو في شكل أصوات النشيط
الوطني رمز الانتماء إلى الوطن.
- يظهر الرمز في معظم مجالات الحياة، مجال الرياضـة لـه رمـوزه
(الحلقات المتداخلة رمز الألعاب الأولمبية وكذلك الشعلة...) مجال المعتقد
الديني له رمزياته (صورة الهلال والنّجمة، صـورة الكعبـة، صـورة
الكنيسة) مجال النّضال السياسي أيضا فحمل صورة مناضل دالّـة علـى
خيار حتّى الألوان تصبح لها دلالة رمزية، ومنها يتحـدد تأثيرهـا فـي
الأفراد والمجموعات).
I- في دواعي استبعاد الموقف القائل : إن الرمز سلطة الإنسان.
أ. في معنى "الرمز سلطة الإنسان".
- من جهة أن الإنسان يعرف على أنّه حيوان رامز أي قادر على إبداع
الرموز واستعمالها.
- بيان القيمة التّواصلية للرموز من جهة أنّها تحقّق التّقارب والتّعاون بين
البشر.
- بيان أهمية الرموز في إضفاء المعنى على الحياة الإنسانية.
- بيان القيمة الإنشائية للرمز فهو الّذي يشحن الذّات بقوة الفعل ويدفعها
أحيانا إلى بناء مواقف. يمكن الاستدلال علـى ذلـك بالرمز اللّغـوي في الأغاني أو الإشعار وماله من وقع على الأفعال، أو الرمز المش اهد فـي
الصور وتأثيره على النفوس.
ب. دواعي استبعاد القول بأن الرمز سلطة الإنسان :
- بيان السلطة المتعالية للرموز على الإرادات الفردية مم يجعـل الإنـسان
خاضعا لضغط الرمز لا خالقا للرمز.
- بيان الطّابع المؤسساتي لاشتغال الرموز من جهة أنّها تدلّ علـى سـلطة
المؤسسات وآلياتها الاجتماعية والاقتصادية والسياسية لا على سلطة الإنسان.
- بيان عناصر تقوية سلطة الرموز بفعل تزايد سلطة المال وما آلت إليه من
توظيف للإنسان وتآمر على حريته.
الجانب النّقدي
المكاسب:
- الاهتمام بالرمز من جهة دلالته وآليات اشتغاله يـدرج ضـمن معرفـة
الإنسان بذاته وبخصوصيات العالم الذي يعيش فيه.
- الكشف عن الوظيفة المزدوجة للرموز، فهي ميسم الحياة الإنسانية وبهـا
يتحدد الإنسان ويضفي الحياة على وجوده ، ومع ذلك فهو يغترب اليوم فـ ي
عالم من الرموز ويتحول إزاء المؤسسات الصانعة للرمـوز إلـى إنـسان
مغترب .
الحدود
- القول بأن للرموز سلطة على الإنسان، ليس أمرا قطعيا ، إذ تبقى للفـرد
دوما فرصة التّحرر من هذه السلطة لما للإنسان من قدرة على فضح الآليات
الخفية للهيمنة واتخاذ مسافة نقدية منها تسمح بتحرره.
- القول بأن الرمز سلطة على الإنسان قد يحمل على محمل البحـث عـن
التّخلّص من الرموز وحياة الرموز وهذا مستحيل إذ بالرمز وفـي الرمـز
يتشكّل الوجود الإنساني.
- ليس الرمز سلطة تتحكّم في الإنسان دائما بل هو ما بـه نقـاوم التّـسلّط
والهيمنة .
- يمكن للرموز أن تكون عامل تواصل بين البشر فالأجناس المتنوعة التـي
لا تفهم لغة بعضها البعض ، قد تتوحد في فهم الرموز الدالة على الـسلم أو
النّصر أو الحب، بهذا تكون للّمز وظيفة حية وإبداعية.
الخاتمة :
يمكن الا نتهاء في الخاتمة إلى تثمين الحديث عن الرمز وحمل القـول بأنّـه
سلطة على الإنسان من جهة الحرص على التّحـرر مـن سـلطان القـوى
الاقتصادية الاستهلاكية التي أرادت أن تحول كلّ شيء إلى سلعة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
مرحبا