الاثنين، 18 مايو 2009

تقابل حالة المساواة الأصلية بين الناس، في نظرية العدالة باعتبارها إنصافا، حالة الطبيعة في النظرية التقليدية للعقد الاجتماعي. ولا تعتبر هذه الحالة حالة تاريخية فعلية، ولا شكلا بدائيا للثقافة، بل ينبغي فهمها بوصفها حالة افتراضية تقودنا إلى تكوين تصور محدد للعدالة. ومن بين السمات الأساسية لحالة المساواة الأصلية، أن لا أحد ، فيها يعرف مسبقا مكانته في المجتمع، ولا وضعه الطبقي، بل إني أذهب إلى حد القول أن هؤلاء الشركاء لا يمتلكون تصورا للخير، ولا يعرفون ميولاتهم النفسية. انطلاقا من هذه الوضعية يقوم الشركاء باختيار مبادئ العدالة وراء ستار من الجهل، مما يضمن أن لا يكون واحد منهم في وضعية امتياز عند اختيار المبادئ. وبما أن الجميع يوجد في نفس الوضع، فلا أحد يستطيع إذن عن مبادئ تزكي وضعيته وتدعمها، وتكون مبادئ العدالة في هذه الحالة، ناتجة عن اتفاق أو تفاوض عادل ومنصف(...)
وأزعم أن الأشخاص الذين يوجدون في هذه الوضعية الأصلية سيختارون مبدأين مختلفين إلى حد ما. يفرض المبدأ الأول المساواة في الحقوق والواجبات الأساسية، بينما يفرض الثاني اللامساواة الاجتماعية والاقتصادية، مثل اللامساواة في الثروة والسلطة، وهذا سيكون من العدل فقط إذا تم تعويض الأفراد الأقل حضا باستفادتهم من تلك الثروة والسلطة.
إن حدسي هو التالي: ينبغي أن يتم توزيع الامتيازات واقتسامها بطريقة تضمن التعاون الإرادي لكل أفراد المجتمع، بما فيهم أولئك الذين هم أقل حضا. يرتبط تحقيق الرخاء بتعاون الجميع، وبدون هذا التعاون لن يستفيد أحد من هذا الرخاء.
يمثلان المبدآن السابقان قاعدة منصفة تمكن أولائك الذين هم في وضعية اجتماعية أحسن وأوفر حضا أن يأملوا في تعاون إرادي لباقي الشركاء؛ مادام رخاء الجميع مشروط بتعاون جميع الأفراد. هذان هما البندان اللذان نصل إليهما بمجرد ما نقرر تكوين تصور للعدالة يمنعنا من استخدام المواهب الطبيعية التي تخلقها الصدف والظروف الاجتماعية، بوصفها عوامل مساعدة في البحث عن أسباب الامتيازات السياسية والاجتماعية.
جون راولز نظرية العدالة ص 38- 41

المهام


* ما هي الأصول التي يعود إليها الكاتب لتأسيس مفهوم العدالة؟
* ما الذي يضمن تحقق العدالة من وجهة نظر الكاتب؟
* بأي معنى تتأسس العدالة على الإنصاف؟
* هل يضمن التأكيد على التساوي في الحقوق والواجبات فعليا العدالة؟

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

مرحبا